التطوع عبر الإنترنت بعد زلزال : كيف يمكن المساعدة عن بعد ؟
يعتبر زلزال الحوز أقوى زلزال ضرب المغرب في تاريخه المعاصر حيث تسبب في أزيد من 3000 قتيل و6000 جريح. تواجه المجتمعات بعد كوارث طبيعية مدمرة مماثلة تحديات كبيرة سواء على مستوى البحث عن الضحايا تحت الأنقاض أو عمليات الإنقاذ أو إعادة الإعمار في الشهور الموالية. ورغم حسن النية والإستعداد لمد يد المساعدة لا يتوفر الجميع على المهارات اللازمة أو الفرصة للمساعدة على الميدان. لذا تكتسي المشاركة عبر الإنترنت أهمية كبرى إذ أصبحت موردًا قيمًا لتقديم المساعدة عن بُعد.
سنكتشف من خلال هذا المقال بعض الأمثلة للتطوع الافتراضي الذي شهده المغرب خلال الزلزال الأخير.
التوعية وجمع التبرعات
يمكن للمتطوعين استخدام الإنترنت لجمع التبرعات، سواء كانت نقدية أو عينية. يمكنهم أيضًا استخدام شبكات التواصل الإجتماعي للرفع من الوعي والتحسيس بطبيعة الاحتياجات الأساسية للفئات المتضررة.
كما قام بعض مستعملي انترنت برصد وتوثيق إيصال المساعدات إلى المناطق المتضررة لطمأنة المتبرعين بينما أحال البعض الآخر المتطوعين إلى مناطق لم يتم الوصول إليها بعد.
وقد حاول العديد من مستخدمي الإنترنت توعية سكان المدن الشباب بالخصائص الثقافية والاجتماعية لسكان المناطق القروية (مناطق محافظة) بغية تجنب أي سلوكات يمكن اعتباره مسيئة.
أخيرًا، كان المتطوعون الناشطون عبر الإنترنت بمثابة مراسلين موثوق منهم ساهموا في الحد من انتشار الأخبار الزائفة وتفضيل المحتوى الإيجابي على المنشورات السلبية.
ربط واستغلال المهارات الخاصة
الميزة الرئيسية للعمل التطوعي عبر الأنترنت قدرته على تقصير المسافات وتقريب الأشخاص افتراضيا. مباشرة بعد الزلزال، حاولت الجمعيات تحديد الاحتياجات الفورية للمناطق المتضررة بالإعتماد على نصائح وتعليمات صاحبي الإختصاصات.
قدم هؤلاء المتطوعون، سواء كانوا متخصصين في الصحة أو الهندسة المدنية والمعمارية أو مقاولين أو أصحاب شركات للنقل أو خبراء في إدارة المشاريع مهاراتهم لدعم الاستجابة الفورية والمساهمة في إعادة الإعمار.
لم يكون هذا ممكنا لولا استخدام الإنترنت التي تلعب دور منصة للربط بين مختلف الجهات الفاعلة وأصحاب المصلحة بطريقة فعالة وناجعة.
الدعم المدرسي والتربوي
يمكن كذلك للمتطوعين الذين لم يتمكنوا من التنقل شخصيا لموقع الزلزال إنشاء موارد تعليمية لنشرها عبر الإنترنت وذلك لمواكبة الأطفال الذين فقدوا مدارسهم إزاء الهزة الأرضية. يمكنهم أيضا تنظيم دورات دراسية عن بعد عن طريق تقنية الفيديو وجمع المقررات والأدوات المدرسية التي سيتم توزيعها في المناطق المتضررة وتقديم مجموعة من الأنشطة الثقافية والتعليمية لإدخال البهجة على الحياة اليومية للساكنة المحلية.
وفي سياق آخر يمكن للمتطوعين الافتراضيين المساهمة في تحسيس جميع فئات المجتمع لتحسين ردود فعلها وطريقة استجابتها للكوارث الطبيعية عبر مشاركتهم لفيديوهات وموارد تعليمية مفيدة حول هذا الموضوع.
الشيم الرئيسية للعمل التطوعي عبر الإنترنت هي المرونة والقدرة على الوصول بسهولة لأكبر عدد ممكن من الأشخاص. لا تتاح الفرصة أمام العديد من المتطوعين للتنقل عبر مسافات كبيرة والالتزام لفترات طويلة وبطريقة مستديمة. تبقى إذن الإنترنت أبسط وسيلة للمساعدة بدون أية قيود إذ تبسط المهام وتكسر الحدود الجغرافية وتبرهن أن التضامن يتجاوز المسافات كيفما كانت.